كان يوسف [ عليه الصلاة والسلام ] أبناً مدللاً عند أبيه وقلبه معلقاً بالله .
ثم أضحى يوسف أسيراً في بئر مهجوره لا يستطيع أن يرقى إلى أعلاها ، تغير الحال ولم يتغير القلب .
ثم أضحى يوسف يباع بدراهم معدودة ، بثمن بخس ويتناوله الباعة والمشترون وقلبه معلقاً بالله .
ثم نظر في أروقة القصور وأكرمته امراءة العزيز لشيء في نفسها ، وبقي يوسف قلبه معلقاً بالله .
أخرج يوسف من القصور إلى السجن فبقي قلبه معلقاً بالله .
أخرج يوسف من السجن إلى كرسي الوزارة وبقي قلبه معلقاً بالله .
قدم إليه أخوته من أرض كنعان يعتذرون إليه وبقي قلب يوسف معلقاً بالله .
فما أثنى الله على يوسف لأنه سُجن ، فكم في السجن من مظلوم ؟
وما أثنى الله على يوسف لأنه أضحى وزيراً ، فكم من خلائق الله من نالوا كرسي الوزارة .
وما أثنى الله على يوسف لأن أخوته ظلموه ، فكم من أسرة يظلم فيها أحدهم .
بل أثنى الله في نهاية المطاف وقبله وبعده على يوسف على أن يوسف في سنيّ حياته كلها كان قلبه معلقاً بالله بصرف النظر أين كان جسده [ عليه الصلاة والسلام ].
وهذا الذي ينبغي أن يربي الإنسان عليه ويعرف قدره وأن المثوبة تكون على قدر قلبك .
وربما رجلً في عرفات واقف يراد أن يقال له حج فلان ، وآخر مقعداً بيته عاكفاً على عبادة ربه بقلبه قبل لسانه ، فهذا الآخير له عند الله ما عنده من الكرامة ، والأول – عياذاً بالله – له من الله ما له من النقمة .
فما ينبغي أن يربي الإنسان عليه نفسه :
أين قلبك في أي محفل تكون ؟؟
ولهذا قال البشير النذير [ صلى الله عليه وسلم ] لمن وصاه :
" أتق الله حيثما كنت " .